Image default
Home » حلمُ التخرّج
الصفحة الرئيسية الصفحة الرئيسية

حلمُ التخرّج

ترجمة: سامر خوري

في الفصل الأخير اتصلتُ بأبي و سألتُه إن كان السفر إلى سوريا لأجري امتحاناتي النهائية في سنتي الدراسية الأخيرة آمنا. كنت أتطلع للتخرّج من الجامعة لكنه أجاب بصوت خافت: “حياتك أهم من شهادتك”. أدركت حينها أنه من المستحيل أن أعود لأحقق حلمي.

بداية قصتي سنة 2006 عندما قيل لي أنّ “الحصول على شهادة جامعية يعني الحصول على عمل جيد و بالتالي حياة جيدة”. فكرة الدراسة في الجامعة بدأت حينها تتبلور في ذهني لتصبح حلما أصبو له. قال لي أبي مرةً أن ” شهادة في الأدب الإنكليزي ستفتح أمامي الأبواب للسفر و استكشاف العالم”

بالقفز لسنة 2007 نصل إلى أحد أجمل الأيام التي عشتها حين تلقيت رسالة قبولي من الجامعة في كليّة الأدب الإنكليزي. بدأت دراستي مستمتعا بكل يوم، قضاء الوقت مع الزملاء و حضور المحاضرات و النوم في السكن الجامعي.

كانت هناك أمور جعلت حياتي الجامعية صعبة كعدم تمكني من شراء الكتب أو دفع الإيجار، لا زلت أذكر أنني اضطررت لارتداء نفس البنطال الجينز يوميا أو استعارة بنطال صديقي لأظهر و كأنني أملك اثنين منهم.

تعقّد وضعي الدراسي قليلا و اضطررت للسفر خارج القطر لأدفع التكاليف. كنت محظوظا كفايةً لأجد عملا في دبي مكّنني من مساعدة عائلتي للحصول على حياة أفضل.

العمل و الدراسة معا كانا تحديا كبيرا لي لكنني استطعت تخطي السنتين الثانية و الثالثة بينما كنت أعمل خارجا، سافرت كل ستة أشهر لأجري امتحاناتي. كنت مصمّما على عدم التخلي عن حلمي.

في صيف 2013 سافرت جوا إلى سوريا لأجري امتحانات الفصل الاول من السنة الأخيرة. خاطرت بالمضي قدما إلى حمص حيث جامعتي و قد تم إيقافي مرارا على حواجز تفتيش للجيش حيث يمكن أن أعتقل بلا سبب واضح. مرت الرحلة بسلام حتى وصولي مسكني في الجامعة.

لازلت أذكر تلك الليلة الصيفية عندما كنت أدرس و اتحسس نسيم المساء العليل الذي لم أتمكن من الاستمتاع به بسبب سماع القنابل خلفي. كان مزيجا من الأمل و اليأس.

نجحت لحسن الحظ في كل امتحاناتي.

في الفصل الأخير اتصلت بوالدي لأساله عن إمكانية سفري إلى سوريا بأمان لإجراء امتحانات التخرج، كنت أتطلّع حقا للتخرج. أجابني بصوت خافت: “حياتك أهم من شهادتك”. فهمت عندئذٍ أنه من المستحيل أن أعود إلى الجامعة لأحقق حلمي.

الوضع الرهيب في سوريا قتل آلاف الضحايا و دمر مئات المنازل و ترك حزنا كبيرا في قلوبنا. أنا واحدٌ فقط من مئات الطلاب الذين تركوا منازلهم و مدارسهم. هل تتخيلون كم المعاناة الّذي يجلبه موقف كهذا.

أعيش اليوم في السويد و لن أستسلم أبدا، حلمي سيتحقق يوما ما.

مقالات ذات الصلة

Leave a Comment

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. قبول Read More