مشروع الهمهمة السورية مشروع عالمي يربط عدة أطياف ما بين باحثين وفنانين نازحين من الشام، ويربط بين الذكريات الفردية والجماعية المتعلقة بالطعام والموسيقى والحكايات البصرية والقصصية.
مشروع جنة جنة امتداد لهذا الطريق، ويربط أصوات وحكايات الشعب السوري المهجر في اسطنبول برؤية فنية مشتركة.
تحدثت معنا سارة حياة، وهي فنانة سورية مقيمة في السويد، وشرحت لقصتنا المشروع.
ما هي جنة جنة؟
جنة جنة هو الحلم السوري لخلق مكان آمن وسالم في الأرض.
ليست عن تصور ديني للجنة لكنه عن الإحساس العالي في حال ما قدر لهم إعادة بناء مجتمعاتهم.
فيها روح الثورة السورية، لأن حتى في أسوأ الحالات، لا يتخلى الناس عن الأمل بالرجوع إلى الوطن، رغم كل ما حصل، لنا جنة.
هل كانت هناك لحظات أثناء العمل على المشروع فيها العمل اتجاهًا مختلفًا؟
تعاوني مع محمد وأديب [ILLADIB] أضاف أبعادا جديدة للأعمال الفنية. قدموا لنا قصص شخصية ووجهات نظر جديدة أثرت علينا وألهمنا بطرق لم أتوقعها، مما جعل المخرج الفني أكثر واقعية وأقرب إلى خبراتنا.
أحد اللحظات التي غيرت اتجاه المشروع كانت عندما ناقشنا بأن فكرة الجنة ليس كجنة مثالية، بل هو كشيء مكسور ولكنه محبوب—تمامًا مثلما يرى الناس أوطانهم، حتى وإن عانوا ومروا باشياء مؤلمة.
دفعتنا هذه الفكرة للتركيز أكثر على ازدواجية الألم والأمل، مما أدى إلى استخدام رموز مثل الأواني المكسورة.
بالنسبة لك ما هي الجنة؟
الجنة بالنسبة لي مكان يشعرك بالأمان والحرية والسلام. ليست الجنة بالضرورة مكان مثالي، ولكنه يلهمك بالانتماء والسعادة مع من حولك. هي في اللحظات التي تشعر فيها بأن الأمور على ما يرام رغم قصر المدة.
أعلم بأن متع ولذات الجنة تقابلها آلام وأهوال جهنم.
ماذا تسمين جهنم؟
جهنم هي النقيض—المعاناة، الخوف، أو الشعور بالضياع.
قد تكون ساحة حرب فعلية أو نفسية، والانفصال عن الذات أو الوطن.
في سياق الهمهمة [جنة جنة]، على الرغم من أن سوريا مرت بجحيم، إلا أن الارتباط العميق بالوطن يجعل حتى من هذه المعاناة شيئًا يستحق التمسك به.
ما هو الفن بالنسبة لك؟
الفن بالنسبة لي لغة وأداة للتعبير عن الذات—هي وسيلة حسية تربط بين الداخل والخارج. هي طريقة لتوجيه المشاعر والأفكار والتجارب الشخصية إلى حوار عالمي يتجاوز الحواجز مثل اللغة والثقافة والجغرافيا.
الفن يعبر عما تعجز الكلمات عن قوله في كثير من الأحيان.
أرى الفن أيضًا كنوع من النشاط، خاصة في الأوقات أو الأماكن مضطربة حيث تُسكَت الأصوات. عندما تأتي من تاريخ أثر فيك صراع أو تهجير، أو جئت من ثقافة غنية بالتعبير، يصبح الفن بطبيعة الحال شكلاً من أشكال المقاومة، ومساحة للدفاع عن التغيير، واكتشاف الهوية، وحفظ التاريخ.
هل تستلهم من الفن السوري وأساليبه وفنانيه؟
إختبارات الألوان والقوام اللوحي وحتى الأشكال التجريدية في الفن السوري ترتبط بالأرض والثقافة والسياسة في المنطقة بشكل عميق. تطفح هذه التعابير في طرق استخدامي للأشكال والرموز وفي كثافة المشاعر التي تحملها أعمالي.
وبالمعنى الأوسع، فإني أستلهم من الحركات الفنية المعاصرة على مستوى العالم، لكن جذوري تظل مرتبطة دائمًا بخلفيتي الثقافية.
يصبح الفن بالنسبة لي حوارًا بين المكان الذي جئت منه والمكان الذي أنا فيه الآن.
كيف تصف نفسك في عبارة واحدة؟
إذا كان عليَّ أن أصف نفسي بجملة واحدة، فسأقول “راوي حكايات عن طريق الفن”.
هل ستختلف العبارة عما كنتي تستخدمينه قبل عشر سنوات؟
قبل عشر سنوات، ربما كنتُ سأصف نفسي بـ”فنانة” أو “مبدعة”، لكن الآن أشعر أن فني يتعلق بمشاركة قصص أعمق، شخصية وجماعية—قصص ذات معنى.
ما شكّلني أكثر هي ذكريات الوطن، وكوني جزءًا من التغيرات الاجتماعية التي نمر بها كامرأة سورية.
من أقوى الأشياء التي قمتُ بها توثيق قصص النساء اللواتي كنَّ في الاعتقال. سماع أصواتهن وضمان بقاء ذكرياتهن حيّة غيّر نظرتي للعالم، وهذا يظهر في فني.
نشأتي في سوريا ومروري بالحرب تركا أثرًا عميقًا في نفسي. هذه التجارب ليست شخصية فحسب؛ هي جزء من تاريخ أكبر شاهده الكثيرون من بعيد. لكن بالنسبة لي، هي حقيقية مُعاشة، وتستمر بالتأثير على عملي ومن هويتي اليوم.
رينا ريبينا