Image default
Home » البلد
ذكريات

البلد

بريكة، القرية الصغيرة اللي كنت استنّا روح عليها بكل عطلة طويلة. بريكة مكان فقير كثير، الناس فيها بيزرعوا باذنجان بالحاكورة1 ليعملوا مقالي، أو بيْسَلْقوا2 بالكرم ليعملوا خبَّيزي3. بتذكر حالي قاعدة بالميكرو الجاي4 من الشّام، عبستنّا5 وصّل لهنيك، بابا حدي و قاعدة عباكل كرواسان شوكولا صغير من كيس لونه بنّي، و عبحاول قد ما فيني امنع حالي من إنّي خلصه منشان يضل شوي لمرح و داني.

     مرح و داني هنّي رفقات طفولتي، و بنفس الوقت أصغر تنين من خوالي و خالاتي. داني أكبر منّي بسنتين و مرح بستّة، هيّي علّمتني أرسم وجوه، و لعبت معي بيت بيوت و آنسة. داني علّمني سوق البسكليت و نظّفنا البركة سوا. بتذكر كيف كانت مرح تستخدم الحيط ورا الدار كسّبورة، و كيف كتبنا عليها نحنا و مارينا بنت خالتي. بتذكر كيف أني و مارينا بعد ما انخطبت مرح، كنا ننكّت6 على أنه غريبة الدنيا، السنة الماضي كنا منلعب سوا و هلق انخطبت مرح. كنت زعلانة عمرح.

     خلونا نجي لمارينا. مارينا و بيت جدي في بينهن كَرْم7، تلث دقايق مشي و بتصير عندن. عنّي أني و مارينا ما بعرف شو إحكي. مارينا هيّي الطفولة و بداية المراهقة.  كيف كنا نطلع عشجر الزّتون بطقّة الظّهر، و نتمشّى المسا للبركة، هالتلث شوارع اللي كنّا نمشيهن كانوا شي كبير النا، خصوصي إذا خالتي ديانا ،امها لمارينا، جهّزتلنا سندويشات زعتر مسخّنة تناكلن عالطريق.

     بتذكر إنه مارينا و تيتا ما كان عندن ديجيتال، لآخر تلث، أربع سنين قبل ما فل. قدّيش كان إنجاز عظيم، انو نعمل حالنا نايمين بالبيت، المكوّن من غرفة و مطبخ، و بالسّر نتفرّج عرياح الخماسين مع خالتي ديانا مع إنها تكون موطّاية الصوت. بتذكّر كيف كنت فيق عصوت حكم العدالة عند تيتا، و كيف داني كان يقلده و كيف كانت السما صافية و الجو برود، و كيف كنت حس حالي كثير فخورة لما تيتا تصبّلي متّة معهن لأني صرت صبيّة. بتذكر استيلّا، الكلبة اللي ما كان خالي حسّان يربطها. بتذكر كيف كنت اتطلّع عبيت التّيتا و ازعل، إزعل إنه البيت كثير فقير و أرضه بَطون8، و اتخيل حالي مهندسة بس إكبر و عم صمّمه من جديد، بس تيتا بطّلت هنيك وكل من مرح و مارينا تزوجوا.

     مرح صار عندها فوفو و ميّوسة و صارت “خالتي مرح”. مرح! اللي مرة عملنا سوا قالب كاتّو من الوحل و سرقنا معجون جلي من عند تيتا تنحطّه كريمة. وقتها عصّبت تيتا. فوفو اللي كنت لاعبه شوحة، ما بعرف كيف صار شكله أو كيف بيحكي. بتقتلني فكرة انو ممكن مَعَش9 شوفه أبدا، إنه ممكن ما يتذكرني.

     بزعل بس اسمع كيف بريكة عبتتغير، كيف عبيغيروا العمار القديم و يعملوا كلشي جديد. ما بحب الشكل الجديد، كثير بحسه بعيد عن بريكة اللي بحبها، اللي فيها بيوت من حجارة سود. بزعل لأني اضطريت فل؛ كلشي عبيتغير بغيابي، بطّلت جزء منها. بزعل لمّا بيخطرلي إنّي مش ممكن شوفها مرة ثاني. قدّيشني رح حسها ذكريات بنت صغيرة، عمرها عشر سنين. قديشني مش رح صدق انه كل شي صار بهالمكان.

  1. مساحة أرض خالية بين المنازل القرويّة.
  2. يجمعون الأعشاب و النبتات البريّة الصالحة للأكل من الأرض غير المحروثة.
  3. نبات أخضر ذو أوراق عريضة عادة يفترش الأرض غير المحروثة أو يتسلق أحيانا على نباتات أخرى، صالح للأكل بعد الطبخ أو القلي.
  4. القادم.
  5. أنتظر.
  6. نتهكّم.
  7. مساحة من الأرض مزروع فيها كرمة عنب.
  8. مادة البيتون المستخدمة في بناء السطوح، أحيانا تفرش على أرضية المنازل كبديل رخيص الثمن و سهل التنظيف.
  9. أنّني لن.
    الصور: عمرو الفحّام

مقالات ذات الصلة

Leave a Comment

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. قبول Read More