الحضارة

عبد الله الكفري | كاتب مسرحي وناشط ثقافي

عبد الله الفكري هو المدير التنفيذي وعضو مؤسس في (اتجاهات)، وهي منظمة تسعى إلى تعزيز الثقافة المستقلة في المنطقة العربية من خلال دعم ورعاية الفنانين المستقلين. يحدثنا عبد الله عن الدوافع الأصلية لتأسيس اتجاهات، والتحديات الجديدة في ظل التغيرات التي تواجهها البيئة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

جامعة القديس يوسف في بيروت (USJ)

يعمل عبد الله حاليًا أستاذًا في تاريخ المسرح والكتابة المسرحية في جامعة القديس يوسف في بيروت، كما أنه ينهي أطروحة الدكتوراة هناك. شارك عبد الله في الفنون الدرامية منذ صغره، وذلك بدعم من أصدقاء العائلة من الكتاب والكتاب المسرحيين والممثلين، شجعه والده بشدة على دراسة المسرح.

“ما زلت أتذكر أول أداء رأيته عندما كنت في السادسة عشرة من عمري في قلعة دمشق. لقد اندهشت كيف صعد الفنانون فجأة على خشبة المسرح. قدم العرض المخرجة السورية نائلة الأطرش. لم أكن أعرف الكثير عن المسرح في ذلك الوقت لكنني كنت معجبا بهذا التغيير المفاجئ”.

كيف تنسق بين أدوارك المتعددة كطالب، وأستاذ، وممارس، ومدير اتجاهات مع بعضها البعض وهل تتداخل هذه الادوار مع بعضها؟

لا يمكنني الفصل بين الأدوار، فجميع الأدوار تلتقي بطريقة ما. إنها فرصة فريدة جدا أن أعمل في المجال الفني، مع المشاركة في الحياة الأكاديمية والاستفادة من كليهما. أُدرس وأعمل ككاتب مسرحي ومستشار، مع الحفاظ على دوري كممارس. أنا محظوظ لأنني أتعاون مع فنانين من المنطقة، لذا يمكنني دائمًا رؤية ما يجري في المشهد العربي. أعطتني فرصة العمل مع اتجاهات لمدة ثماني سنوات مساحة للتفكير في العلاقة بين المشهد الفني والصورة الأكبر. أعمل حاليًا على مشروع يسمى “إعادة اختراع الهامش” – وهو عبارة عن منصة عبر الإنترنت تقدم مساهمات حول المسرح والهجرة تتضمن العديد من المساهمات الأصلية وقد شاركت أيضا بنفسي في هذا المشروع

تأسست “اتجاهات” في عام 2011، هل ظهرت الفكرة مع مرور الوقت أم كانت هناك لحظة مهمة دفعتك إلى البدء بها؟

شيئان مهمان كان لهما دور في تأسيس اتجاهات أولاً، قمنا بملاحظة خصوصية المشهد الفني السوري وبالتالي خلق منظمات لخدمة هذا المشهد. كان التركيز حول البحث عن طرق بديلة لتنظيم القطاع، بطريقة تعكس الاحتياجات الجديدة وتستجيب لها مع تغير المشهد الثقافي. في عام (2010) كنا نتساءل كيف يمكن ربط هذا المشهد الفني بالسياق الإقليمي.

في عام 2014، انتقلنا إلى بيروت وظهرت تساؤلات حول: التهجير والحياة في المنفى، التفكير في كيفية الاستمرار في العمل داخل سوريا، وكذلك دعم أولئك الذين انتقلوا إلى البلدان المجاورة والتاريخ الجديد للاجئين السوريين…. مع تزايد النزوح القسري كان علينا التفكير في كيفية توسيع الشبكة لدعم الفنانين الذين انتقلوا إلى أبعد من ذلك، مثل بلدان في أوروبا.

رؤية مزدوجة (2018) لإبراهيم رمضان 2018

في عام 2017، بدأنا التفكير في فنانين المستقبل، وسألنا أنفسنا كيف يمكننا تشجيع الفنانين على الانضمام إلى المشهد من خلال منصات مختلفة وكيفية تقديم التعليم الفني. كما كنا نركز على استخدام المنصة الرقمية كطريقة بديلة لتغطية المساحة العامة وطريقة للربط بين لبنان وسوريا من جهة وسوريا والعالم من جهة أخرى.

لقد وصفت اتجاهات بأنها كمؤسسة وسيطة، كيف تتوسط بين الفنان والسياق الأوسع؟

لطالما كان الفن والثقافة وسيلة للتعبير عن المواقف السياسية والاجتماعية وكذلك الإجابة عن التساؤلات المطروحة. يعتبر الفنانون عملهم وأنفسهم وأدواتهم وسيلة للتعبير عن آرائهم في شتى المجالات. نحن كمنظمة تعنى في دعم الفن المستقل، علينا التفكير في أفضل طريقة لمرافقة هذه الأسئلة التي يطرحها الفنانون وكيف يمكننا أن نكون أكثر فائدة في المساعدة على الاستجابة للتحديات التي يبدأ الفنانون في مواجهتها. وما هو الدعم الذي يمكن تقديمه من خلال الترويج للثقافة والمحتوى وخلق فرص لربط المشهد بالمنصات الدولية.

يتعلق الأمر بدعم الأعمال الفنية الاجتماعية ليس هذا فحسب، ولكن أيضًا التفكير في الأشكال الجديدة لعملهم وكيفية الاستجابة لها ودعمها. هناك أيضا مسألة حماية وسلامة الفنانين. نحن نستجيب لهذا بطرق عملية جدا، في عام 2019، بدأنا برنامجًا قانونيًا لتقديم أنواع مختلفة من الدعم للفنانين بما فيها التصدي للوباء. السؤال هو، كيف يمكننا كمنظمة وسيطة تحسين وضع الفنانين.

من الواضح أن العالم الرقمي بحد ذاته هو مساحة جديدة تمامًا للفن، كيف أثر ذلك على عملك وماهي الصعوبات التي واجهتها؟

هناك افتراض في بعض الأحيان بأن العالم الرقمي يمكنك الوصول إليه على الفور. كثير من الناس ليس لديهم المعرفة أو التسهيلات أو حتى الامكانية المادية. هناك أيضًا تمييز داخل الخوارزميات حيث تحظر الدول بعض المحتويات وتراقب ما يتم عرضه. علينا أن نركز على كيفية انشاء محتوى يطرح أسئلة تتعلق بخصوصية المنطقة و فنانيها و علاقتهم مع العالم.

كيف تتواصل مع الفنانين؟ كيف يتواصلون معك للحصول على الدعم؟

معظم التواصل يتم من خلال الدورة المفتوحة. أنا فخور بأن أكبر عدد من المتقدمين (قرابة أربعين بالمائة) لدعواتنا المفتوحة يأتي من داخل سوريا. الفنانون داخل سوريا يعرفوننا ويثقون بنا، لكن تحديات إنتاج العمل داخل سوريا مختلفة وأكثر تعقيدًا من الخارج.

نستعمل مختلف وسائل التواصل للوصول الى جمهور جديد، نغطي منطقة بلاد الشام ومناطق جديدة مثل أوروبا. نحاول دائمًا طرح أسئلة حول التنوع، والحماية و كيفية الوصول الى الفئة المهمشة. أنا أؤمن أكثر فأكثر أن الفئة المهمشة في المنطقة العربية تنحو إلى المركز.

المركز في هذه البلدان مثل مصر وسوريا ولبنان تشتت والهامش يتحول إلى هذا المركز الجديد. لا يشمل الهامش الفنانين المعرضين للخطر فحسب، بل يشمل التقنيين ومجتمعات المثليين والفنانين اللاجئين، ونحن نحاول فهم هذا الوضع الجديد.

إلى الغرب، لميلاد خوام

الفنانون في المنطقة العربية لديهم فرص قليلة والمؤسسات الحكومية تخدم أقل من عشرة بالمائة من احتياجاتهم. من المهم بناء علاقة نشجع الفنانين على إعادة التواصل معنا بعد ثلاث أو أربع سنوات، نريد إيجاد طرق لتقديم دعم بديل بدلاً من المنح المباشرة فقط. تم تكليف الفنانين السابقين بمحتوى عبر الإنترنت أو للمشاركة على منصات أخرى. يمكنهم أيضًا أن يصبحوا باحثين أو مرشدين لفنانين جدد. تعد مسألة دعم “ما بعد الإنتاج” أحد الاعتبارات الهامة وكيف يمكننا أن نكون أكثر فائدة لهؤلاء الفنانين على مدى فترة من الزمن.

انتقلت إلى بيروت عام 2014، لكن لبنان شهد أيضًا كارثة وأزمة إنسانية في السنوات الأخيرة، كيف أثر ذلك على عملك؟

لبنان رئة أساسية ومهمة بالنسبة لسورية حيث حتى عام 2012 كان المكان الذي انتقل فيه العديد من الفنانين لإيجاد مكان لعملهم. من المهم إعادة بعض الدعم الذي قدمه المشهد اللبناني المستقل للفنانين. نحن ملتزمون بالتعامل مع الأسئلة والتحديات التي يمر بها لبنان والتي قد تكون مشابهة للسوريين، ولكن ليست مماثلة، هناك تعقيدات مختلفة، ولكن التكتيكات التي تم تطويرها استجابة للأزمات المختلفة يمكن مشاركتها بين الشعبين.

ما هي التحديات التي ستواجهها اتجاهات في الأشهر والسنوات المقبلة؟

يواجه العالم لحظة معقدة. الغزو الروسي لأوكرانيا أدى الى مستوى غير مسبوق من الفوضى وانعدام العدالة. كما كان لها تأثير كبير على الأولويات الأخرى – سوريا في أزمة مستمرة، لكنها ليست أولوية، الوضع السوري يتدهور أكثر فأكثر، فكيف كمؤسسة متجذرة في المنطقة العربية تتعامل مع هذه التغيرات؟

الجانب الآخر من الحديقة بواسطة مسرح كون

أعتقد أن الفنانين من المنطقة الذين ينتقلون إلى أوروبا لديهم خبرة لا تصدق وقادرون على مشاركة هذه الخبرات من خلال منصتنا. في المنطقة العربية، يتزايد تحدي الفقر والوضع الاقتصادي وانخفاض مستوى الأمان. الوضع غير مستقر يجعل المبادرات الهامشية صعبة بشكل متزايد. ومع ذلك، فإن الجيل الجديد من الفنانين لديه إمكانية الحصول على جوازات سفر من مناطق أخرى، مما منحهم قدرة أكبر على التنقل، وبالتالي حصولهم على فرصة للعودة إلى المنطقة وإعادة الاندماج في هذا المشهد الفني. كما أعتقد أن هناك بعض الوعي في العالم، ربما ليس من القمة، ولكن داخل المواطنين، حول رفض الظلم وتحديه. لقد أظهرت سوريا والمنطقة نفسها كنموذج للصمود المذهل ونريد إظهار ذلك من خلال مبادرات مشتركة مع مؤسسات أخرى، التحديات القادمة بالنسبة لنا هو حول ابقاء سوريا ضمن المشهد العالمي وعدم تهميشها، وربطها بالمشهد العالمي.

🌿

شارلوت هارت

مقالات ذات الصلة

Leave a Comment

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. قبول Read More